قسم علماء الاسلام قديماً الذنب الى قسمين .
1 ـ الذنوب الكبيرة .
2 ـ الذنوب الصغيرة .
وقد نشأ هذا التقسيم من القرآن الكريم والروايات ، فمثلاً نقرأ في القرآن الكريم :
الآية 31 من سورة النساء :
(*إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفّر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلاً كريماً )*.
وفي الآية 49 من سورة الكهف :
(*ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين ممّا فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرةً إلاّ أحصاها )*.
وفي الآية 32 من سورة النجم :
(*الّذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش الاّ اللّمم إنّ ربك واسع المغفرة ... )*(1) .
1 ـ اللمم ( على وزن قلم ) واصلها القرب من الذنب وتحتسب من الذنوب الصغيرة .
وفي الآية 37 من سورة الشورى :
( والّذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ) .
وفي الآية 48 من سورة النساء :
(*إنّ الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثّما عظيماً )*.
لقد أصبح واضحاً من خلال هذه الايات الشريفة ان الذنوب في الاسلام على نوعين :*صغيرة وكبيرة*.
ويستفاد أيضاً من ان بعض الذنوب ( بدون توبة نصوحة ) لا عفو فيها وانّ بعضها تشمله المغفرة والعفو الالهي .
تقسيم الذنوب كما جاء في الروايات :
جاءت عن أهل البيت ( عليهم السلام ) روايات متعددة تبين لنا تقسيم الذنوب الى الكبيرة والصغيرة .
وقد أختصّ بهذا الموضوع ما رود في كتاب اصول الكافي تحت عنوان « باب الكبائر » والذي يحتوي على 24 حديثاً ، حيث ورد في الرواية الاولى والثانية من هذا الباب ان الذنوب الكبيرة تطلق على الذنوب التي جعل الله لها النار والجحيم واجباً وحتمياً (3) .
وجاء في بعض هذه الروايات ان الذنوب الكبيرة سبعة انواع ( كما جاء في الرواية الثالثة والثامنة ) ، وفي بعضها انها تسعة عشر ذنباً ( رواية 24 ) (2) .
ومن مجموع هذه الروايات يظهر ان الذنوب تكون من حيث الشدة والضعف على قسمين كبيرة وصغيرة . وبالرغم من ان كل ذنب مخالف للاوامر الالهية يعتبر كبيراً وثقيلاً ، ولكن هذا الموضوع لا ينافي كون بعض الذنوب من حيث اثارها الوخيمة اكبر من البعض الاخر وبالتالي تقسيمها الى كبيرة وصغيرة .
ما جاء على لسان الامام الصادق ( عليه السلام ) حول الذنوب الكبيرة في كتاب الله سبحانه .
قال الامام الكاظم ( عليه السلام ) .
جاء أحد علماء الاسلام وهو ( عمرو بن عبيد ) الى الامام الصادق ( عليه السلام ) بعد ان سلّم عليه وقرأ هذه الآية :
(*الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش ...*) ( النجم 32 ) .
بعدها سكت ولم يكمل الآية .
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) : « لماذا سكتّ ؟ ! » .
اجاب عمرو بن عبيد : أحبّ ان أعرف الذنوب الكبيرة في كتاب الله تعالى :
اجابه الامام ( عليه السلام ) : نعم يا عمرو ! ، اسمع .
1 ـ اكبر الذنوب الكبيرة الشرك بالله سبحانه كما قال سبحانه وتعالى :
(*ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنّة*) ( النساء 72 ) .
2 ـ وبعده اليأس من رحمته . قال الله تعالى :
(*أنّه لا يياس من روح الله إلاّ القوم الكافرون*) ( يوسف 87 ) .
3 ـ وبعدهما الامان من مكر الله تعالى . قال الله تعالى :
(*فلا يأمن من مكر الله إلاّ القوم الخاسرون*) ( الاعراف 99 ) .
4 ـ ومن جملة الذنوب الكبيرة عقوق الوالدين . حيث اطلق الله على عاق الوالدين بـ (*جبّاراً شقياً*) (4) .
5 ـ قتل النفس المحترمة الا في موارد الحق حيث قال الله سبحانه :
(*ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنّم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً*) ( النساء 93 ) .
6 ـ قذف المرأة الطاهرة بالزنا كما يقول الله سبحانه وتعالى :
(*إن الّذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم*) ( النور 23 ) .
7 ـ اكل مال اليتيم : قال الله تعالى في مورد عاقبة الذين يأكلون مال اليتيم :
(*إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً*) ( النساء الآية 10 ) .
الفرار من جبهة الجهاد : كقوله تعالى :
(*ومن يولّهم يؤمئذ دبره الاّ متحرفاً لقتالٍ أو متحيزاً الى فئةٍ فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنّم وبئس المصير*) ( الانفال 16 ) .
9 ـ اكل الربا : قال الله تعالى :
(*الذين يأكلون الربا لا يقومون إلاّ كما يقوم الّذي يتخبطه الشّيطان من المسّ*) ( البقرة 277 ) .
10 ـ السحر والشعبذة : حيث قال الله تعالى :
(*ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الاخرة من خلاقٍ )*( البقرة 103 ) .
11 ـ الزنا ، قال الله تعالى :
(*ومن يفعل ذلك يلق أثاماً * يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً*) ( الفرقان 68 ، 69 ) .
12 ـ القسم الكاذب للذنب ، قال الله تعالى :
(*الّذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الاخرة )*( آل عمران 77 ) .
13 ـ الخيانة عند غنائم الحرب ، كقوله تعالى :
(*ومن يغلل يأت بما غلّ يوم القيامة )*( آل عمران 161 ) .
14 ـ منع الزكاة ، حيث قال الله تعالى في مورد عاقبة مانع الزكاة :
(*يوم يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جباههم
وجنوبهم وظهورهم )*( التوبة 35 ) .
15 ـ الشهادة كذباً وكتمان شهادة الحق ، كقوله تعالى :
(*ومن يكتمها فانه آثم قلبه*) ( البقرة 283 ) .
16 ـ شرب الخمر : لان الله سبحانه نهى عنها كما نهى عن عبادة الاوثان والاصنام . كما ورد في ( الآية 90 ) من سورة المائدة .
17 ـ ترك الصلاة او أحد الواجبات الالهية الاخرى عمداً .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
« من ترك الصلاة متعمداً فقد بريء من ذمة الله وذمة رسول الله » .
18 و 19 ـ عدم الوفاء بالعهد ، وقطع صلة الرحم : كقوله تعالى :
(*اولئك لهم الّلعنة ولهم سوء الدّار*) ( الفرقان 25 ) .
قال الرواي : ولما ان وصل الامام الصادق ( عليه السلام ) الى هذه النقطة اجهش عمرو بن عبيد بالبكاء والعويل من شدة الحزن وخرج من مجلسه وهو يقول : هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم (5) .